الأشهر الحرم: مكانتها وأحكامها في الإسلام
مقدمة
الأشهر الحرم هي أربعة أشهر في السنة الهجرية لها مكانة عظيمة في الإسلام، وقد خصها الله بحرمة خاصة وجعل لها أحكامًا مميزة عن باقي الشهور. هذه الأشهر هي ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب، وهي تعد من الأشهر التي كانت تحظى بالتقدير حتى قبل الإسلام، حيث كان العرب يمتنعون عن القتال فيها.
ما هي الأشهر الحرم؟
ذكر الله تعالى الأشهر الحرم في القرآن الكريم، حيث قال:
“إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ” (التوبة: 36).
وهذه الأشهر هي:
1. ذو القعدة: الشهر الحادي عشر من السنة الهجرية، وهو شهر سكون واستعداد لموسم الحج.
2. ذو الحجة: الشهر الثاني عشر، وهو الذي تؤدى فيه مناسك الحج، ويحتوي على يوم عرفة وعيد الأضحى.
3. المحرم: وهو أول شهر في السنة الهجرية، وسمي بهذا الاسم لأن القتال كان محرماً فيه.
4. رجب: الشهر السابع من السنة الهجرية، وهو منفصل عن الثلاثة الأخرى، وكان له مكانة خاصة عند العرب.
مكانة الأشهر الحرم في الإسلام
تتمتع الأشهر الحرم بقدسية خاصة، حيث كان المسلمون والعرب قبل الإسلام يحترمونها، وكان القتال فيها محرمًا إلا إذا تعرض المسلمون للهجوم. وقد أكد النبي ﷺ على حرمة هذه الأشهر في خطبته في حجة الوداع، حين قال:
“إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان” (رواه البخاري ومسلم).
أحكام الأشهر الحرم
1. تحريم القتال والاعتداء: كان القتال محرماً في هذه الأشهر إلا في حالة الدفاع عن النفس، وهو ما أكده القرآن الكريم.
2. مضاعفة الأجور والذنوب: يرى العلماء أن الأعمال الصالحة تتضاعف في هذه الأشهر، وكذلك الذنوب، لذا يجب على المسلم أن يكون حريصًا على تجنب المعاصي.
3. الاستعداد للعبادات والطاعات: تكثر في هذه الأشهر العبادات مثل الصيام، الصلاة، الصدقة، وأداء العمرة.
فضل الصيام في الأشهر الحرم
كان النبي ﷺ يكثر من الصيام في الأشهر الحرم، وخاصة شهر المحرم، حيث قال:
“أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم” (رواه مسلم).
ويستحب للمسلمين صيام الأيام البيض (13، 14، 15 من كل شهر هجري) وصيام يوم عاشوراء لما له من فضل عظيم.
خاتمة
تمثل الأشهر الحرم فرصة للمسلم لمراجعة نفسه والتقرب إلى الله من خلال الأعمال الصالحة، فهي مواسم للعبادة والتوبة، وينبغي استغلالها في الطاعات وتجنب المعاصي. ومن خلال الالتزام بأحكامها، يستطيع المسلم أن ينال البركة والخير في دينه ودنياه.